بحـث
المواضيع الأخيرة
شهداء المطريه في الصحافه المصريه
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
شهداء المطريه في الصحافه المصريه
1- نقلا عن جريده المصري اليوم
فى الوقت الذى كانت فيه جميع الأنظار تتجه نحو «ميدان التحرير» متطلعة إلى اتجاه جميع المظاهرات من جميع أنحاء القاهرة تجاهه، كان ميدان المطرية يشهد أعنف المعارك بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزى.
بمجرد أن تطأ قدماك ميدان المطرية اليوم، ستتعرف سريعًا على ملامح المعركة الطاحنة، التى دارت على تلك الأرض وراح ضحيتها العشرات من المتظاهرين العزل، والعشرات من عربات الأمن المركزى، التى احترقت فى وسط الميدان كانت شاهدة على الطريقة، التى عامل بها الأمن المتظاهرين.
قنابل مسيلة للدموع.. رصاص مطاطى.. رصاص حى، كل الأسلحة استخدمها الأمن لمنع وصول المتظاهرين والتحامهم بمتظاهرى عين شمس.
مذبحة حقيقية لم يراع فيها الأمن، أنه يتعامل مع مصريين، كما لم يراعوا حرمة المساجد واتخذوا من أعلى أحد المساجد مكانًا يصوبون منه الرصاص الحى فى اتجاه المتظاهرين، الذين خرجوا لتوهم من صلاة الجمعة، لا يفرقون بين شيخ وطفل يصوبون فى الصدور والقلوب لا لإحداث إصابات إنما للقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
وفى محاولة للتهدئة، صعد أحد الشيوخ إلى مكان عال هاتفًا «لا إله إلا الله»، لعل البعض يرتدع إلا أن الإجابة عنها كانت مختصرة وسريعة «رصاصة تخترق فمه لتسكت صوته إلى الأبد».
قتلوا متظاهرين بالفعل، ولكنهم قتلوا معهم بعض الشباب الذى تصادف وجوده فى الميدان أو البعض الآخر الذى لم يتحمل أن يرى مصريين يضربون بالرصاص الحى، دون أن يدافع عنهم.
قتلوا أطفالاً لا يتجاوزون العاشرة والرابعة عشرة من عمرهم، وقتلوا معهم شبابًا ظلت أسرهم لسنوات طويلة يطأطئون رؤوسهم ويحنون ظهورهم أمام الأوضاع المتردية من فقر وجهل، أُسر كثيرة آثرت السلامة لأكثر من 30 عامًا خوفًا على أولادهم ولتربيتهم والحفاظ عليهم، ساروا بجوار الحائط وقبلوا بتهميشهم، فكان مقابل ذلك إهدار دماء أبنائهم فى الشوارع.. شبابًا كانوا أملاً لأسرهم، ومنهم عائلون لأسرهم بعد وفاة والدهم، شهدت لهم عائلاتهم وجيرانهموأصدقائهم بحسن الأخلاق والطباع.. لتجد نفسك تردد لن يختار الله للشهادة إلا من يستحقها، لن يكون من قبيل الصدفة أبدًا أن يكونوا جميعًا ملائكيين.
«المصرى اليوم» فى عزاء شهداء المطرية، الذي لن تقبله أسرهم إلا بعد محاسبة كل من كان مسؤولاً عن تلك المذبحة من رأس النظام إلى أصغر عسكرى.
والدة الشهيد عماد الصعيدى: حسنى مبارك هو اللى خلى شوية وحوش ينهشوا فينا ويهدروا دم ولادنا
فى شقة مكونة من حجرة وصالة صغيرة بحى المطرية، جلست ليلى إبراهيم على -48 عاما- ترتدى ملابس سوداء وتستمع لآيات القرآن الكريم التى تبثها إحدى القنوات الفضائية، من حين لآخر يطرق الباب أحد جيرانها أو معارفها ليواسيها فى مصابها، الذى تحتمله بإيمان وصبر شديدين، وهى موقنة بوعد ربها فى حق الشهداء، وترى أنها لا تحتاج لتلك المواساة فهى تدرك جيدا أى مكانة أصبح عليها فقيدها.
فقدت ليلى أكبر أبنائها فى مظاهرات ثورة 25 يناير، يوم «جمعة الغضب»، بالمظاهرات التى انطلقت من ميدان المطرية عقب صلاة الجمعة.
عندما تدخل شقة ليلى تشعر باطمئنان شديد يخيم على أرجاء منزلها الصغير.. هاهنا لا ينسج الحزن خيوطه.. ها هنا لا يوجد سوى الهدوء والاطمئنان الذى تراه يعلن عن نفسه بوضوح على وجه ليلى وأبنائها، إخوة الشهيد عماد الصعيدى، يرتدى شقيق عماد الأصغر جاكيت أخيه الذى استشهد، ويقول بفخر «أخويا استشهد وهو لابس الجاكيت ده» ويشير إلى ثقب استقرت فيه رصاصة قائلا: «وده مكان الرصاصة اللى دخلت قلبه وتسببت فى وفاته».
«عماد كان عنده 24 سنة، هو أكبر إخوته، عنده 3 إخوة آخرين، وائل 22 سنة، وتخرج فى الأكاديمية الدولية، ووليد 21 سنة وتخرج فى كلية السياحة والفنادق، وقاسم طالب فى ثالثة إعدادى، كان عماد هو الوحيد اللى بيشتغل وبيساعدنى فى مصروف البيت لأن إخوته لسة متخرجين، كانوا بيخلصوا ورق خدمتهم العسكرية، وبيدوروا على شغل.. كان نفسى أعمل قرض من البنك بضمان معاش والدهم، ويشتغلوا فيه الثلاثة، مع بعض: بس ملحقتش». هكذا بدأت والدة الشهيد عماد حديثها عن ابنها وتابعت: والده توفى من حوالى 8 سنين، ومن وقتها بقيت أنا لوحدى المسؤولة عنه هو وإخوته، عن تربيتهم وتأمينهم وتعليمهم، وهما لسه أطفال صغيرين، عماد أخذ شهادة دبلوم صنايع. تصمت قليلا وتستأنف حديثها: «ربيته هو وإخوته أيتام، ولما بدأ يقف على رجله حرمونى منه.. كان والده بيشتغل عامل فى كلية التربية، ولما توفى أخذوا ابنه يشتغل مكانه، أول ما بدأ يشتغل كان مرتبه 105 جنيه، وآخر زيادة وصلته لـ170 جنيه، وبناخد معاش أبوه حوالى 340 جنيه، يعنى دخل البيت كله مكانش بيوصل لـ500 جنيه، وأنا عندى فيروس سى، و«السكر» وبحتاج أدوية بيوصل سعرها لحوالى 150 جنيه كل شهر، كان عماد يا قلب أمه بينزل يشتغل شغل إضافى فى أى حاجة عشان يجيب قرش زيادة للبيت».
«يوم المظاهرات صحى صلى الفجر، وكنت قاعدة أبص عليه، لاقيته طول أوى، وهو ساجد لدرجة إنى اتخضيت عليه، وافتكرته أغمى عليه، ولما خلص سألته إنت طولت كده ليه يا عماد خضتنى عليك، قال بدعى ربنا يا ماما، بعد صلاة العصر قال لى إنه رايح يحضر فرح واحد صاحبه مع ناس زمايله، أنا كنت خايفة عليه ليكون رايح المظاهرات، قال لى يا ماما متقلقيش.. أول ما نزل مفاتش ربع ساعة، لقيت ناس بيندهوا علينا وبيقولوا إن عماد اتصاب فى المظاهرات قدام المسجد فى ميدان المطرية، كنت لوحدى فى البيت واخواته مكانوش موجودين، نزلت أجرى وأنا متخيلة إنه عايش.. وفاكرة إنهم ضربوه بالرصاص المطاطى، فضلنا نجرى من قسم لقسم إلى المستشفى ومش لاقيينه، لغاية ما عرفنا إنهم ضربوه برصاص حى، وإنه خلاص توفى ودخلوه فى ثلاجة المستشفى.. عماد أخذ رصاصتين واحدة فى قلبه والثانية فى جنبه».
تتوقف والدة عماد عن الكلام للحظات ثم بكت قائلة «حسبنا الله ونعم الوكيل فى اللى أذى شبابنا واللى أذى مصر، أنا عارفة إن اللى عمل فى ولادنا كده بتوع الداخلية، محدش غيرهم معاه سلاح، لاكان البلطجية هربوا من السجون ولا حاجة، عشان يرموا المسؤولية عليهم، لو ربنا حكَّمنى على ضابط أو أى حد من الداخلية هاكله بسنانى علشان ما رحموش ولادنا، ولادنا مكانش معاهم سلاح ولا كانوا هيأذوا حد، طب مش لاقى مخرج من أنك تضربه بالرصاص، اضربه فى أيده أو رجله، لكن تضربه فى قلبه وتنهى حياته ليه بس؟!».
يزداد بكاء والدة ويرتفع صوتها قائلة: «مفيش حاجة هترضينى وتبرد نارنا على ولادنا اللى راحوا سواء كان عماد أو غيره غير إن حبيب العادلى يتشنق قدام عينينا كلنا وفى ميدان عام.. عشان العيال معملوش حاجة، لا كانوا مجرمين ولا كانوا بيأذوا حد، ابنى الله يرحمه مكانش بيقدر يشوف راجل أو ست كبيرة ماشية قدامه فى الشارع وشايلة حاجة تقيلة، وكان بيجرى يشيلها عنه، لو شاف بنت من جيرانه حد بيعاكسها يقف يدافع عنها ويحميها، كان شايلنى وشايل إخواته، كان مظلوم ومبيقبضش غير ملاليم وساكت.. الـ100 جنيه اللى بيشقى بيهم طول الشهر، ميجوش تمن وجبتين غدا واستحمل.. احنا تعبنا وشقينا على ولادنا.. تاخدوهم غدر ليه حرام عليكم؟؟ أنا دعيت على حسنى مبارك هو اللى خلى شوية وحوش معندهمش قلب ينهشوا فينا ويجوعوا ولادنا ويهدروا دمهم فى الشوارع».
«كان نفسى أفرح بيه وأشيل ولاده، هو كان خاطب وكان بيجهز شقته خلاص قريب، كنت بقوله حاسة إنى هموت من غير ما أشيل ولادك يا ابنى».
«أنا بقيت مرعوبة على بقية إخوته فى الأيام اللى بعدها، لدرجة أنهم لما قالوا كل الشباب ينزل عشان هيعملوا لجان شعبية تحمى الشارع والبيوت من البلطجية كنت هنزل أقعد مع ولادى فى الشارع عشان أحميهم.. عماد وإخوته اللى استشهدوا صحوا ناس كتير عشان يعملوا ثورة وياخدواحق بلدهم، وربنا ينتقم منا اللى ظلموهم وغدروا بيهم، وحقهم مش هيروح
والدة الشهيد رضا: قلبى أكلنى عليه بعد ضرب النار.. ولقيته فى المستشفى واخد 5 رصاصات
«أنا بس كان نفسى أفهم ابنى اللى مكملش 14 سنة من عمره، ده ذنبه إيه؟ ممكن يكون هدد اللى قتلوه أو هدد غيرهم بإيه؟» هكذا بدأت هناء جمعة السيد- 39 عاماً- والدة الشهيد إبراهيم رضا محمد، الذى كان سيكمل عامه الرابع عشر هذا العام، كان اسم الشهيد إبراهيم يتردد كثيراً على ألسنة أهالى المطرية، بسبب صغر سنه ولكونه تلقى 5 رصاصات أثناء المظاهرة، فلم يترك فى جسده مكان سليم، وتطوع شقيق أحد الشهداء بتوصيلنا إلى منزل الشهيد الصغير، شقة بسيطة وصغيرة الحجم كانت تجمع إبراهيم وأبويه وأخاه محمود، الذى يكبره بنحو عامين، ومحمد البالغ من العمر 20 عاماً. كان الجميع قانعاً تماماً ولا يعترض على شىء رغم ضيق ذات اليد وقلة دخل البيت. تقول والدة الشهيد: «أنا وأبوه مش متعلمين ولا نعرف لا مظاهرات ولا سياسة ولا غيره، الولد كان عيل صغير زى بقية العيال طول النهار فى الشارع، لما لقى زحمة ودوشة المظاهرات راح يتفرج.. والده عنده إعاقة فى رجله كان بيشتغل ميكانيكى، ومع تقدم سنه وزيادة التعب عليه، قرر يجيب (توك توك) يشتغل عليه، ويبقى مش شغال عند حد، مكسبه مبيبقاش كبير لكن بتكمل بالستر».
وتقول الأم عن يوم المظاهرات: «كان يوم الجمعة، وكنت فاكره إن إبراهيم مع أخوه بيركنوا (توك توك) والدهم، لقيت أخوه جه من غيره، سألته: هو فين؟ قالى فى الميدان. قلبى أكلنى عليه ونزلت أجرى أدور عليه فى الميدان لقيت الميدان عبارة عن كتلة نار بعد الاشتباكات اللى حصلت فيه وحرق عربيات الأمن المركزى، وكان الشهداء والمصابين فى كل حتة، جريت ناحية قسم المطرية لقيته محروق، مبقيتش شايفه قدامى، كنت باجرى فى الشارع وبنده على ابنى بصوت عالى يمكن يبقى فى حتة قريبة ويسمعنى، ماكانش موجود فى أى مكان، رحت أدور عليه فى المستشفى بين المصابين لاقيت الدكاترة بيحاولوا ينقذوه، قالوا لى إنه أخد 5 طلقات فى أنحاء متفرقة من جسمه، وإنهم علقوا له حوالى 14 كيس دم، والحالة استقرت، فضلنا قاعدين شوية وشايفينه قدامنا على السرير، بعدها الدكاترة قالوا مش عارفين نعمل حاجة ادعوا له بالرحمة، رجعنا بيه البيت الساعة 3 الفجر وهو منتهى».
قامت والدة إبراهيم تجرى لتحضر جاكيت كان ابنها يعتاد ارتداءه وقالت فى هدوء: «ده مقاس ابنى.. شفتوا صغير إزاى؟ طفل.. يمكن لو شفتوه متصدقوش إنه عنده 14 سنة كمان.. كان فى تانية إعدادى.. إيه الخطر اللى ممكن يسببه لهم عيل زى ده.. وإيه اللى يفهمه من الدنيا أصلاً عشان يتعاقب بسببه؟».
«أنا بحاول أبان هادية عشان أبوه وإخواته، لكن أنا حاسه بنار جوايا، بحاول أصبر نفسى بأنه أكيد عند ربه شهيد.. أبوه كان متعلق بيه أوى لأنه أصغر ولاده، أنا خايفة الصدمة تعمل فيه حاجة، هو لا عارف يشتغل، ولا عارف يتكلم مع حد، كان بيقولى الولد على طول فى بالى طول ما أنا بشتغل أو قاعد شايفه قدامى، جه عليه وقت من ضيقه مبقاش عارف هو بيقول إيه لدرجة إنه مسك أخوه الأكبر منه وقاله إنت السبب! لما شفته فى المظاهرات ليه مخلتهوش يرجع بالعافية؟ الولد يا حبيبى قعد يعيط، قلبه وجعه على أخوه ومش حمل إنه يبقى مسؤول عن اللى حصل، لكن قلة الحيلة والحسرة مخليانا مش عارفين بنعمل إيه؟».
«أنا كمان ساعات باسمع صوته، باسمع صوت رجليه وهو طالع على السلم، بابقى خلاص رايحة أفتح الباب ونفسى ألاقيه قدامى.. أنا مش متعلمة ومعرفش البلد فيها إيه، ولا أعرف مين صح ومين غلط، كل اللى أعرفه إن ابنى الطفل انضرب 5 طلقات واستشهد، وهنفضل بحسرتنا لغاية ما نجيب له حقه، اللى بيجيب حق الشهداء هو ربنا، لا الحكومة ولا الرئيس، ولو كنوز الدنيا مش هتعوض قلب أم اتحرق على ابنها».
أسرة حسين جمعة: كان فاكر إنه «هياخد» حقه من حكومة تقتل المتظاهرين بدم بارد
مشاهد قتل المتظاهرين بالرصاص الحى واختناقهم بالغاز المسيل للدموع ودهسهم بعربات الأمن المركزى أثارت حسين جمعة (30 عامًا) الذى ظل لساعات طويلة أمام التليفزيون يتابعها ويتمنى لو استطاع أن ينضم إليهم لولا أن إعاقته تمنعه من المشاركة.
أكد لأبيه أن كل المصريين الذين يسقطون فى تلك المظاهرات، هم بالتأكيد فى مقام الشهداء، وتمنى أن يكون واحدًا منهم، استأذن أباه فى الخروج لمقابلة بعض أصدقائه فحذره والده وشدد عليه ألا يشارك فى المظاهرات، فوعده بعدم الاقتراب من أماكن التظاهرات، مؤكدًا أن إعاقته لن تسمح له بالمشاركة.
انطلق حسين (30 عامًا) مسرعًا فى الشوارع الجانبية متفاديًا مكان المظاهرات، لأنه لا يستطيع الجرى إلا أن القدر لم يمهله الوصول إلى صديقه، كان العساكر ينطلقون فى الشوارع الجانبية فى مطاردة للمتظاهرين وأطلقوا النار عشوائيًا على أى شخص أمامهم، لكن الضرب لم يقتصر على إعاقة المتظاهرين، إنما كان موجهًا مباشرة نحو صدورهم.
انطلقت الرصاصة لتستقر فى صدره، بعد أن اخترقت يده ليلحق بصديقه، الذى طالما رافقه فى الدنيا. سأل شقيقه الأكبر عن الأشخاص الذين لم يستدلوا على شخصياتهم، فأكدت المستشفى وجود 2 من الشهداء لم يتعرف عليهما أحد.
وأمام إحدى ثلاجات الموتى، وقف الأخ الأكبر أمام جثة أخيه، ووجهه المكشوف تعلوه ابتسامة مضيئة.
بكى محمد حينما تذكر شقيقه حسين، الذى أصيب بالحمى صغيرًا، والتى أدت إلى وقوعه فريسة لمرض شلل الأطفال، الذى أعاقه عن الحركة.
قبل شهور، التحق حسين بكلية الحقوق، ليتمكن من معرفة حقوقه والمطالبة بها، «فاكر إنه حيعرف ياخد حقوقه من حكومة ظالمة، تقتل المتظاهرين بالرصاص الحى بدم بارد».
«حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى قتلوه، أنا احتسبته عند الله شهيدًا»، هذا كل ما استطاعت الأم أن تنطق به وهى تغالب دموعها، وتحاول تهدئة ابنها الأكبر، خوفًا عليه أن يلحق بأخيه.
والدة الشهيد أحمد: فراق ابنى وجع قلبى.. بس أنا عارفة إن حقه مش هيضيع
فى شوارع المطرية الضيقة وأزقتها القريبة من مسكن الشهيد أحمد عبدالرحمن، إذا سألت عن اسم الشارع، الذى كان يقطن به الشهيد، لن يستطيع أحد أن يدلك عليه، إذا كررت المحاولة مستخدماً اسم والده لعل أحدهم يعرف أين يقطن، وربما ستفشل المحاولة، ولن تستطيع أن تصل إلى الشارع أو المنزل، إلا إذا سألت عن الشهيد أحمد عبدالرحمن، الذى راح ضحية مظاهرات «جمعة الغضب» يوم 28 يناير 2011، فالجميع هنا لم يتعرف بسهولة إلا على الشهيد أحمد، الذى استشهد برصاصات غادرة أودت بحياته.. وصلنا إلى المنزل الذى تقطن به والدة الشهيد وإخوته، وكان منزل جدته.. فلم تستطع والدته وإخوته أن يجلسوا فى منزلهم دونه، لن تسمع هنا كلمة تتردد أكثر من «الحمد لله» يرددونها عقب كل جملة وموقف يروونه عن ابنهم «ربنا اختار له الأفضل من دنيته».. ما زالوا مصدومين فيما حدث، ولا يستطيعون إدراكه تماماً، تقول والدته: «أحياناً بسأل نفسى هو إحنا فعلاً حصلت عندنا مظاهرات، طلع فيها كل الشباب وأحمد استشهد، بجد؟.. وبلاقى نفسى مش مصدقة».
رغم صدمتهم وحزنهم الذى يحاولون التغلب عليه، فإنك تستطيع أن تشعر بالطمأنينة والهدوء، الذى يسيطر على نفوسهم.
أحمد لم يتجاوز عمره 22 عاماً يدرس فى السنة النهائية للدبلوم الفنى الصناعى، تأخر أحمد فى حصوله على شهادته، لأنه أصبح عائل أسرته بعد وفاة والده منذ نحو 3 سنوات، فأصبح منشغلاً بالعمل أكثر من الدراسة، لم تكن لديه مهنة محددة، كان يجرى وراء الرزق الحلال، كما تقول والدته، ليساعد والدته وإخوته.
لدى أحمد شقيقان حسن ويبلغ من العمر 21 عاماً، وسعد الذى لا يزال يدرس فى الصف الثالث الإعدادى.
تقول فاتن أحمد محمد (46 عاماً) والدة الشهيد: «والد أحمد كان بيشتغل فران، كانوا الولاد كلهم فى التعليم، لكن بعد وفاة والدهم أحمد بقى مهتم إنه يشتغل وحول دراسته (منازل)، كان بيساعد الصنايعية فى النجارة والسباكة، وأخوه وقف فى تعليمه لغاية تالتة إعدادى، وبعدها راح يشتغل بياع فى محل، عشان يقدروا يصرفوا على البيت وعلى أخوهم الصغير اللى لسه فى المدرسة، والدهم كان شغال بيوميته لا له معاش ولا تأمين، دوخنا عشان نطلع له معاش من الحكومة، وكان أحمد بيتحرك معايا فى المشاوير دى، وفى مصالح إخواته، وبعد عذاب ودوخة طلعنا بمعاش شهرى 100 جنيه، كنت بحس إن ربنا عوضنى بيه عن أبوه كان شبهه فى شكله وطباعه، وكان بيحاول بكل جهده يسد مكانه.. كانت طيبة الدنيا فيه، لا بيعرف يرد طلب لحد من إخواته، ولا بيقدر يرفع عينيه وهو بيكلم جدته أو حد من خالاته».
«قبل استشهاده بيومين طلب منى أن يدخل الامتحانات السنة دى، وافقت فقال لى هنجيب فلوس التقديم منين؟ قلت له هنتصرف ونوفرهم بس مكانش يعرف يا حبيبى إنه مش هيلحق».
«يوم الجمعة الصبح أنا نزلت أعزى فى شاب صغير ابن جيراننا، رحت أواسى أمه، وصحيت أحمد قبل ما أنزل قال لى إنه هيحصلنى عشان هيقف مع الناس فى العزا لغاية بالليل، رحت أعزى ورجعت ما لقيتش أحمد، وزمايله بيقولوا إنه اتصاب فى المظاهرات، وهو ماشى، وأصحابه فضلوا شايلينه لغاية ما المستشفى قبل ياخده، نزلت أدور عليه فى كل أقسام المستشفى أنا وخاله معرفناش نلاقيه، لغاية ما خاله لقاه فى تلاجة المستشفى، أنا مقدرتش أشوفه.. خاله وأخوه هما اللى شافوه وقالوا إنه أخد رصاصتين واحدة فى قلبه والتانية فى جانبه».
تتوقف والدة أحمد عن الكلام وتنخرط فى البكاء، ولم يتماسك شقيقه الأصغر، وبدأ يبكى مع والدته وردد وسط بكائه: «أحمد كان خايف علينا كلنا من المظاهرات، بالليل سأل أخويا إنت نازل الشغل بكرة؟ ولما قاله إنه نازل فضل يتحايل عليه إنه يقعد فى البيت بكرة عشان المظاهرات، أحمد مكانش له فى (النت) ولا فى السياسة، ولا كان يعرف حاجة عن الفيس بوك، قبل صلاة الجمعة نزل ينده على أصحابه واتجمعنا كلنا عشان نروح نصلى، طلبنا منه نشارك فى المظاهرة لكن هو رفض وخاف علينا، صلينا وخرجنا لاقينا المظاهرة بدأت والناس بتنضرب مشينا شويه ولاقيناه بيقول تعالوا نرجع المظاهرة، قلت له لأ يا أحمد بلاش إنت كنت مش موافق، لكن أصر يرجع ويوقف مع الناس يدافع عنهم أو ينضرب معاهم، وقفت معاه شويه فى المظاهرة، وقلت له أنا رايح البيت وراجع تانى، قال لى طب روح ومتتأخرش.. رحت ورجعت مالقيتهوش».
وقال شريف أحمد محمد (33 سنة) خال الشهيد أحمد: «أنا شاركت فى مظاهرات (جمعة الغضب)، إحنا معملناش أى حاجة، بعد صلاة الجمعة، خرجنا فى مظاهرة سلمية للتعبير عن مطالبنا، فردت علينا الشرطة بالضرب.. ضرب بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، وبعدين بالرصاص المطاطى والرصاص الحى، عشرات من أولادنا استشهدوا وأصيبوا فى الاشتباكات دى، غير اللى اتخنقوا من غازات القنابل المسيلة للدموع اللى طلعت منتهية الصلاحية، ومكناش لاقيين مكان نعالجهم فيه، لأن المستشفى كان مقفول بأمر من (الداخلية) وممنوع أى مصاب يدخل، أغلب اللى كانوا مشاركين حوالينا فى المظاهرة هم جيراننا وأصحابنا، لا شفت عناصر أجنبية، ولا كانت المظاهرة كلها (إخوان) زى ما قالوا.. بقيت شايف الناس مرمية على الأرض اللى مصاب واللى فقد حياته، العساكر كمان اتعرضوا للخطر من ثورة الأهالى بعد موت ولادهم، الذخيرة بتاعتهم خلصت وقياداتهم سابوهم، وناس من الأهالى هما اللى أنقذوهم خلوهم يغيروا لبسهم الرسمى ولبسوهم لبس عادى وهربوهم، عرفت إن أحمد ابن أختى أصيب، وإن أصحابه فضلوا شايلينه وماشيين بيه فى الشارع مش عارفين يروحوا بيه فين لغاية ما المستشفى فتح قبل العصر بشويه ودخلوه، إحنا مكناش نعرف كل ده، ودخلنا ندور عليه بين المصابين لغاية ما لاقيناه فى تلاجة المستشفى، رحنا نخلص إجراءات الدفن لقينا دكتور الصحة عاوز يكتب فى تقرير الوفاة لكل الشهداء سكتة قلبية حادة، ولما الأهالى ثارت عليه قالهم أنا بحاول أحافظ على ولادكم بدل ما يروحوا المشرحة!! هناك هيفضلوا أسبوع ولا أكتر، ومش هتقدروا تدفنوهم، لكن فضلنا نتخانق معاه لغاية ما كتب أسباب الوفاة الحقيقية».
ويضيف شريف: «إحنا مش هنسيب حق ابننا وهنشوف إيه الإجراءات القانونية اللى ممكن تتعمل وهنعملها».
عندما طلبنا صورة لأحمد ردت أمه قائلة: «مكانش بيحب يتصور، آخر صورة ليه كان عمره 13 سنة، جه من أسبوع طلب من أصحابه إنه يتصور معاهم، وقال لهم خلى الصور معاكم للذكرى!» وأعطتنا كارتاً صغيراً يظهر فيه أحمد وسط مجموعة من أصدقائه، وتختتم كلامها: «ساعات بسأل نفسى هى المظاهرات دى حصلت عندنا فعلاً فى مصر وكل الشباب خرجت فيها وكمان أحمد ابنى استشهد فيها.. بلاقى نفسى مش مصدقة.. أنا عمرى ما شفت حاجة زى كده.. فراق أحمد وجع قلبى أوى.. بس أنا عارفة إن حقه عند ربنا مش هيضيع لأن دم ولادنا مش بالساهل هيضيع كده، ربنا يصبر كل أم ضاع منها ابنها ويحفظ بقية إخواته وكل اللى زيهم».
».
http://www.almasryalyoum.com/news/4-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D9%80%C2%AB%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%A9
فى الوقت الذى كانت فيه جميع الأنظار تتجه نحو «ميدان التحرير» متطلعة إلى اتجاه جميع المظاهرات من جميع أنحاء القاهرة تجاهه، كان ميدان المطرية يشهد أعنف المعارك بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزى.
بمجرد أن تطأ قدماك ميدان المطرية اليوم، ستتعرف سريعًا على ملامح المعركة الطاحنة، التى دارت على تلك الأرض وراح ضحيتها العشرات من المتظاهرين العزل، والعشرات من عربات الأمن المركزى، التى احترقت فى وسط الميدان كانت شاهدة على الطريقة، التى عامل بها الأمن المتظاهرين.
قنابل مسيلة للدموع.. رصاص مطاطى.. رصاص حى، كل الأسلحة استخدمها الأمن لمنع وصول المتظاهرين والتحامهم بمتظاهرى عين شمس.
مذبحة حقيقية لم يراع فيها الأمن، أنه يتعامل مع مصريين، كما لم يراعوا حرمة المساجد واتخذوا من أعلى أحد المساجد مكانًا يصوبون منه الرصاص الحى فى اتجاه المتظاهرين، الذين خرجوا لتوهم من صلاة الجمعة، لا يفرقون بين شيخ وطفل يصوبون فى الصدور والقلوب لا لإحداث إصابات إنما للقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
وفى محاولة للتهدئة، صعد أحد الشيوخ إلى مكان عال هاتفًا «لا إله إلا الله»، لعل البعض يرتدع إلا أن الإجابة عنها كانت مختصرة وسريعة «رصاصة تخترق فمه لتسكت صوته إلى الأبد».
قتلوا متظاهرين بالفعل، ولكنهم قتلوا معهم بعض الشباب الذى تصادف وجوده فى الميدان أو البعض الآخر الذى لم يتحمل أن يرى مصريين يضربون بالرصاص الحى، دون أن يدافع عنهم.
قتلوا أطفالاً لا يتجاوزون العاشرة والرابعة عشرة من عمرهم، وقتلوا معهم شبابًا ظلت أسرهم لسنوات طويلة يطأطئون رؤوسهم ويحنون ظهورهم أمام الأوضاع المتردية من فقر وجهل، أُسر كثيرة آثرت السلامة لأكثر من 30 عامًا خوفًا على أولادهم ولتربيتهم والحفاظ عليهم، ساروا بجوار الحائط وقبلوا بتهميشهم، فكان مقابل ذلك إهدار دماء أبنائهم فى الشوارع.. شبابًا كانوا أملاً لأسرهم، ومنهم عائلون لأسرهم بعد وفاة والدهم، شهدت لهم عائلاتهم وجيرانهموأصدقائهم بحسن الأخلاق والطباع.. لتجد نفسك تردد لن يختار الله للشهادة إلا من يستحقها، لن يكون من قبيل الصدفة أبدًا أن يكونوا جميعًا ملائكيين.
«المصرى اليوم» فى عزاء شهداء المطرية، الذي لن تقبله أسرهم إلا بعد محاسبة كل من كان مسؤولاً عن تلك المذبحة من رأس النظام إلى أصغر عسكرى.
والدة الشهيد عماد الصعيدى: حسنى مبارك هو اللى خلى شوية وحوش ينهشوا فينا ويهدروا دم ولادنا
فى شقة مكونة من حجرة وصالة صغيرة بحى المطرية، جلست ليلى إبراهيم على -48 عاما- ترتدى ملابس سوداء وتستمع لآيات القرآن الكريم التى تبثها إحدى القنوات الفضائية، من حين لآخر يطرق الباب أحد جيرانها أو معارفها ليواسيها فى مصابها، الذى تحتمله بإيمان وصبر شديدين، وهى موقنة بوعد ربها فى حق الشهداء، وترى أنها لا تحتاج لتلك المواساة فهى تدرك جيدا أى مكانة أصبح عليها فقيدها.
فقدت ليلى أكبر أبنائها فى مظاهرات ثورة 25 يناير، يوم «جمعة الغضب»، بالمظاهرات التى انطلقت من ميدان المطرية عقب صلاة الجمعة.
عندما تدخل شقة ليلى تشعر باطمئنان شديد يخيم على أرجاء منزلها الصغير.. هاهنا لا ينسج الحزن خيوطه.. ها هنا لا يوجد سوى الهدوء والاطمئنان الذى تراه يعلن عن نفسه بوضوح على وجه ليلى وأبنائها، إخوة الشهيد عماد الصعيدى، يرتدى شقيق عماد الأصغر جاكيت أخيه الذى استشهد، ويقول بفخر «أخويا استشهد وهو لابس الجاكيت ده» ويشير إلى ثقب استقرت فيه رصاصة قائلا: «وده مكان الرصاصة اللى دخلت قلبه وتسببت فى وفاته».
«عماد كان عنده 24 سنة، هو أكبر إخوته، عنده 3 إخوة آخرين، وائل 22 سنة، وتخرج فى الأكاديمية الدولية، ووليد 21 سنة وتخرج فى كلية السياحة والفنادق، وقاسم طالب فى ثالثة إعدادى، كان عماد هو الوحيد اللى بيشتغل وبيساعدنى فى مصروف البيت لأن إخوته لسة متخرجين، كانوا بيخلصوا ورق خدمتهم العسكرية، وبيدوروا على شغل.. كان نفسى أعمل قرض من البنك بضمان معاش والدهم، ويشتغلوا فيه الثلاثة، مع بعض: بس ملحقتش». هكذا بدأت والدة الشهيد عماد حديثها عن ابنها وتابعت: والده توفى من حوالى 8 سنين، ومن وقتها بقيت أنا لوحدى المسؤولة عنه هو وإخوته، عن تربيتهم وتأمينهم وتعليمهم، وهما لسه أطفال صغيرين، عماد أخذ شهادة دبلوم صنايع. تصمت قليلا وتستأنف حديثها: «ربيته هو وإخوته أيتام، ولما بدأ يقف على رجله حرمونى منه.. كان والده بيشتغل عامل فى كلية التربية، ولما توفى أخذوا ابنه يشتغل مكانه، أول ما بدأ يشتغل كان مرتبه 105 جنيه، وآخر زيادة وصلته لـ170 جنيه، وبناخد معاش أبوه حوالى 340 جنيه، يعنى دخل البيت كله مكانش بيوصل لـ500 جنيه، وأنا عندى فيروس سى، و«السكر» وبحتاج أدوية بيوصل سعرها لحوالى 150 جنيه كل شهر، كان عماد يا قلب أمه بينزل يشتغل شغل إضافى فى أى حاجة عشان يجيب قرش زيادة للبيت».
«يوم المظاهرات صحى صلى الفجر، وكنت قاعدة أبص عليه، لاقيته طول أوى، وهو ساجد لدرجة إنى اتخضيت عليه، وافتكرته أغمى عليه، ولما خلص سألته إنت طولت كده ليه يا عماد خضتنى عليك، قال بدعى ربنا يا ماما، بعد صلاة العصر قال لى إنه رايح يحضر فرح واحد صاحبه مع ناس زمايله، أنا كنت خايفة عليه ليكون رايح المظاهرات، قال لى يا ماما متقلقيش.. أول ما نزل مفاتش ربع ساعة، لقيت ناس بيندهوا علينا وبيقولوا إن عماد اتصاب فى المظاهرات قدام المسجد فى ميدان المطرية، كنت لوحدى فى البيت واخواته مكانوش موجودين، نزلت أجرى وأنا متخيلة إنه عايش.. وفاكرة إنهم ضربوه بالرصاص المطاطى، فضلنا نجرى من قسم لقسم إلى المستشفى ومش لاقيينه، لغاية ما عرفنا إنهم ضربوه برصاص حى، وإنه خلاص توفى ودخلوه فى ثلاجة المستشفى.. عماد أخذ رصاصتين واحدة فى قلبه والثانية فى جنبه».
تتوقف والدة عماد عن الكلام للحظات ثم بكت قائلة «حسبنا الله ونعم الوكيل فى اللى أذى شبابنا واللى أذى مصر، أنا عارفة إن اللى عمل فى ولادنا كده بتوع الداخلية، محدش غيرهم معاه سلاح، لاكان البلطجية هربوا من السجون ولا حاجة، عشان يرموا المسؤولية عليهم، لو ربنا حكَّمنى على ضابط أو أى حد من الداخلية هاكله بسنانى علشان ما رحموش ولادنا، ولادنا مكانش معاهم سلاح ولا كانوا هيأذوا حد، طب مش لاقى مخرج من أنك تضربه بالرصاص، اضربه فى أيده أو رجله، لكن تضربه فى قلبه وتنهى حياته ليه بس؟!».
يزداد بكاء والدة ويرتفع صوتها قائلة: «مفيش حاجة هترضينى وتبرد نارنا على ولادنا اللى راحوا سواء كان عماد أو غيره غير إن حبيب العادلى يتشنق قدام عينينا كلنا وفى ميدان عام.. عشان العيال معملوش حاجة، لا كانوا مجرمين ولا كانوا بيأذوا حد، ابنى الله يرحمه مكانش بيقدر يشوف راجل أو ست كبيرة ماشية قدامه فى الشارع وشايلة حاجة تقيلة، وكان بيجرى يشيلها عنه، لو شاف بنت من جيرانه حد بيعاكسها يقف يدافع عنها ويحميها، كان شايلنى وشايل إخواته، كان مظلوم ومبيقبضش غير ملاليم وساكت.. الـ100 جنيه اللى بيشقى بيهم طول الشهر، ميجوش تمن وجبتين غدا واستحمل.. احنا تعبنا وشقينا على ولادنا.. تاخدوهم غدر ليه حرام عليكم؟؟ أنا دعيت على حسنى مبارك هو اللى خلى شوية وحوش معندهمش قلب ينهشوا فينا ويجوعوا ولادنا ويهدروا دمهم فى الشوارع».
«كان نفسى أفرح بيه وأشيل ولاده، هو كان خاطب وكان بيجهز شقته خلاص قريب، كنت بقوله حاسة إنى هموت من غير ما أشيل ولادك يا ابنى».
«أنا بقيت مرعوبة على بقية إخوته فى الأيام اللى بعدها، لدرجة أنهم لما قالوا كل الشباب ينزل عشان هيعملوا لجان شعبية تحمى الشارع والبيوت من البلطجية كنت هنزل أقعد مع ولادى فى الشارع عشان أحميهم.. عماد وإخوته اللى استشهدوا صحوا ناس كتير عشان يعملوا ثورة وياخدواحق بلدهم، وربنا ينتقم منا اللى ظلموهم وغدروا بيهم، وحقهم مش هيروح
والدة الشهيد رضا: قلبى أكلنى عليه بعد ضرب النار.. ولقيته فى المستشفى واخد 5 رصاصات
«أنا بس كان نفسى أفهم ابنى اللى مكملش 14 سنة من عمره، ده ذنبه إيه؟ ممكن يكون هدد اللى قتلوه أو هدد غيرهم بإيه؟» هكذا بدأت هناء جمعة السيد- 39 عاماً- والدة الشهيد إبراهيم رضا محمد، الذى كان سيكمل عامه الرابع عشر هذا العام، كان اسم الشهيد إبراهيم يتردد كثيراً على ألسنة أهالى المطرية، بسبب صغر سنه ولكونه تلقى 5 رصاصات أثناء المظاهرة، فلم يترك فى جسده مكان سليم، وتطوع شقيق أحد الشهداء بتوصيلنا إلى منزل الشهيد الصغير، شقة بسيطة وصغيرة الحجم كانت تجمع إبراهيم وأبويه وأخاه محمود، الذى يكبره بنحو عامين، ومحمد البالغ من العمر 20 عاماً. كان الجميع قانعاً تماماً ولا يعترض على شىء رغم ضيق ذات اليد وقلة دخل البيت. تقول والدة الشهيد: «أنا وأبوه مش متعلمين ولا نعرف لا مظاهرات ولا سياسة ولا غيره، الولد كان عيل صغير زى بقية العيال طول النهار فى الشارع، لما لقى زحمة ودوشة المظاهرات راح يتفرج.. والده عنده إعاقة فى رجله كان بيشتغل ميكانيكى، ومع تقدم سنه وزيادة التعب عليه، قرر يجيب (توك توك) يشتغل عليه، ويبقى مش شغال عند حد، مكسبه مبيبقاش كبير لكن بتكمل بالستر».
وتقول الأم عن يوم المظاهرات: «كان يوم الجمعة، وكنت فاكره إن إبراهيم مع أخوه بيركنوا (توك توك) والدهم، لقيت أخوه جه من غيره، سألته: هو فين؟ قالى فى الميدان. قلبى أكلنى عليه ونزلت أجرى أدور عليه فى الميدان لقيت الميدان عبارة عن كتلة نار بعد الاشتباكات اللى حصلت فيه وحرق عربيات الأمن المركزى، وكان الشهداء والمصابين فى كل حتة، جريت ناحية قسم المطرية لقيته محروق، مبقيتش شايفه قدامى، كنت باجرى فى الشارع وبنده على ابنى بصوت عالى يمكن يبقى فى حتة قريبة ويسمعنى، ماكانش موجود فى أى مكان، رحت أدور عليه فى المستشفى بين المصابين لاقيت الدكاترة بيحاولوا ينقذوه، قالوا لى إنه أخد 5 طلقات فى أنحاء متفرقة من جسمه، وإنهم علقوا له حوالى 14 كيس دم، والحالة استقرت، فضلنا قاعدين شوية وشايفينه قدامنا على السرير، بعدها الدكاترة قالوا مش عارفين نعمل حاجة ادعوا له بالرحمة، رجعنا بيه البيت الساعة 3 الفجر وهو منتهى».
قامت والدة إبراهيم تجرى لتحضر جاكيت كان ابنها يعتاد ارتداءه وقالت فى هدوء: «ده مقاس ابنى.. شفتوا صغير إزاى؟ طفل.. يمكن لو شفتوه متصدقوش إنه عنده 14 سنة كمان.. كان فى تانية إعدادى.. إيه الخطر اللى ممكن يسببه لهم عيل زى ده.. وإيه اللى يفهمه من الدنيا أصلاً عشان يتعاقب بسببه؟».
«أنا بحاول أبان هادية عشان أبوه وإخواته، لكن أنا حاسه بنار جوايا، بحاول أصبر نفسى بأنه أكيد عند ربه شهيد.. أبوه كان متعلق بيه أوى لأنه أصغر ولاده، أنا خايفة الصدمة تعمل فيه حاجة، هو لا عارف يشتغل، ولا عارف يتكلم مع حد، كان بيقولى الولد على طول فى بالى طول ما أنا بشتغل أو قاعد شايفه قدامى، جه عليه وقت من ضيقه مبقاش عارف هو بيقول إيه لدرجة إنه مسك أخوه الأكبر منه وقاله إنت السبب! لما شفته فى المظاهرات ليه مخلتهوش يرجع بالعافية؟ الولد يا حبيبى قعد يعيط، قلبه وجعه على أخوه ومش حمل إنه يبقى مسؤول عن اللى حصل، لكن قلة الحيلة والحسرة مخليانا مش عارفين بنعمل إيه؟».
«أنا كمان ساعات باسمع صوته، باسمع صوت رجليه وهو طالع على السلم، بابقى خلاص رايحة أفتح الباب ونفسى ألاقيه قدامى.. أنا مش متعلمة ومعرفش البلد فيها إيه، ولا أعرف مين صح ومين غلط، كل اللى أعرفه إن ابنى الطفل انضرب 5 طلقات واستشهد، وهنفضل بحسرتنا لغاية ما نجيب له حقه، اللى بيجيب حق الشهداء هو ربنا، لا الحكومة ولا الرئيس، ولو كنوز الدنيا مش هتعوض قلب أم اتحرق على ابنها».
أسرة حسين جمعة: كان فاكر إنه «هياخد» حقه من حكومة تقتل المتظاهرين بدم بارد
مشاهد قتل المتظاهرين بالرصاص الحى واختناقهم بالغاز المسيل للدموع ودهسهم بعربات الأمن المركزى أثارت حسين جمعة (30 عامًا) الذى ظل لساعات طويلة أمام التليفزيون يتابعها ويتمنى لو استطاع أن ينضم إليهم لولا أن إعاقته تمنعه من المشاركة.
أكد لأبيه أن كل المصريين الذين يسقطون فى تلك المظاهرات، هم بالتأكيد فى مقام الشهداء، وتمنى أن يكون واحدًا منهم، استأذن أباه فى الخروج لمقابلة بعض أصدقائه فحذره والده وشدد عليه ألا يشارك فى المظاهرات، فوعده بعدم الاقتراب من أماكن التظاهرات، مؤكدًا أن إعاقته لن تسمح له بالمشاركة.
انطلق حسين (30 عامًا) مسرعًا فى الشوارع الجانبية متفاديًا مكان المظاهرات، لأنه لا يستطيع الجرى إلا أن القدر لم يمهله الوصول إلى صديقه، كان العساكر ينطلقون فى الشوارع الجانبية فى مطاردة للمتظاهرين وأطلقوا النار عشوائيًا على أى شخص أمامهم، لكن الضرب لم يقتصر على إعاقة المتظاهرين، إنما كان موجهًا مباشرة نحو صدورهم.
انطلقت الرصاصة لتستقر فى صدره، بعد أن اخترقت يده ليلحق بصديقه، الذى طالما رافقه فى الدنيا. سأل شقيقه الأكبر عن الأشخاص الذين لم يستدلوا على شخصياتهم، فأكدت المستشفى وجود 2 من الشهداء لم يتعرف عليهما أحد.
وأمام إحدى ثلاجات الموتى، وقف الأخ الأكبر أمام جثة أخيه، ووجهه المكشوف تعلوه ابتسامة مضيئة.
بكى محمد حينما تذكر شقيقه حسين، الذى أصيب بالحمى صغيرًا، والتى أدت إلى وقوعه فريسة لمرض شلل الأطفال، الذى أعاقه عن الحركة.
قبل شهور، التحق حسين بكلية الحقوق، ليتمكن من معرفة حقوقه والمطالبة بها، «فاكر إنه حيعرف ياخد حقوقه من حكومة ظالمة، تقتل المتظاهرين بالرصاص الحى بدم بارد».
«حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى قتلوه، أنا احتسبته عند الله شهيدًا»، هذا كل ما استطاعت الأم أن تنطق به وهى تغالب دموعها، وتحاول تهدئة ابنها الأكبر، خوفًا عليه أن يلحق بأخيه.
والدة الشهيد أحمد: فراق ابنى وجع قلبى.. بس أنا عارفة إن حقه مش هيضيع
فى شوارع المطرية الضيقة وأزقتها القريبة من مسكن الشهيد أحمد عبدالرحمن، إذا سألت عن اسم الشارع، الذى كان يقطن به الشهيد، لن يستطيع أحد أن يدلك عليه، إذا كررت المحاولة مستخدماً اسم والده لعل أحدهم يعرف أين يقطن، وربما ستفشل المحاولة، ولن تستطيع أن تصل إلى الشارع أو المنزل، إلا إذا سألت عن الشهيد أحمد عبدالرحمن، الذى راح ضحية مظاهرات «جمعة الغضب» يوم 28 يناير 2011، فالجميع هنا لم يتعرف بسهولة إلا على الشهيد أحمد، الذى استشهد برصاصات غادرة أودت بحياته.. وصلنا إلى المنزل الذى تقطن به والدة الشهيد وإخوته، وكان منزل جدته.. فلم تستطع والدته وإخوته أن يجلسوا فى منزلهم دونه، لن تسمع هنا كلمة تتردد أكثر من «الحمد لله» يرددونها عقب كل جملة وموقف يروونه عن ابنهم «ربنا اختار له الأفضل من دنيته».. ما زالوا مصدومين فيما حدث، ولا يستطيعون إدراكه تماماً، تقول والدته: «أحياناً بسأل نفسى هو إحنا فعلاً حصلت عندنا مظاهرات، طلع فيها كل الشباب وأحمد استشهد، بجد؟.. وبلاقى نفسى مش مصدقة».
رغم صدمتهم وحزنهم الذى يحاولون التغلب عليه، فإنك تستطيع أن تشعر بالطمأنينة والهدوء، الذى يسيطر على نفوسهم.
أحمد لم يتجاوز عمره 22 عاماً يدرس فى السنة النهائية للدبلوم الفنى الصناعى، تأخر أحمد فى حصوله على شهادته، لأنه أصبح عائل أسرته بعد وفاة والده منذ نحو 3 سنوات، فأصبح منشغلاً بالعمل أكثر من الدراسة، لم تكن لديه مهنة محددة، كان يجرى وراء الرزق الحلال، كما تقول والدته، ليساعد والدته وإخوته.
لدى أحمد شقيقان حسن ويبلغ من العمر 21 عاماً، وسعد الذى لا يزال يدرس فى الصف الثالث الإعدادى.
تقول فاتن أحمد محمد (46 عاماً) والدة الشهيد: «والد أحمد كان بيشتغل فران، كانوا الولاد كلهم فى التعليم، لكن بعد وفاة والدهم أحمد بقى مهتم إنه يشتغل وحول دراسته (منازل)، كان بيساعد الصنايعية فى النجارة والسباكة، وأخوه وقف فى تعليمه لغاية تالتة إعدادى، وبعدها راح يشتغل بياع فى محل، عشان يقدروا يصرفوا على البيت وعلى أخوهم الصغير اللى لسه فى المدرسة، والدهم كان شغال بيوميته لا له معاش ولا تأمين، دوخنا عشان نطلع له معاش من الحكومة، وكان أحمد بيتحرك معايا فى المشاوير دى، وفى مصالح إخواته، وبعد عذاب ودوخة طلعنا بمعاش شهرى 100 جنيه، كنت بحس إن ربنا عوضنى بيه عن أبوه كان شبهه فى شكله وطباعه، وكان بيحاول بكل جهده يسد مكانه.. كانت طيبة الدنيا فيه، لا بيعرف يرد طلب لحد من إخواته، ولا بيقدر يرفع عينيه وهو بيكلم جدته أو حد من خالاته».
«قبل استشهاده بيومين طلب منى أن يدخل الامتحانات السنة دى، وافقت فقال لى هنجيب فلوس التقديم منين؟ قلت له هنتصرف ونوفرهم بس مكانش يعرف يا حبيبى إنه مش هيلحق».
«يوم الجمعة الصبح أنا نزلت أعزى فى شاب صغير ابن جيراننا، رحت أواسى أمه، وصحيت أحمد قبل ما أنزل قال لى إنه هيحصلنى عشان هيقف مع الناس فى العزا لغاية بالليل، رحت أعزى ورجعت ما لقيتش أحمد، وزمايله بيقولوا إنه اتصاب فى المظاهرات، وهو ماشى، وأصحابه فضلوا شايلينه لغاية ما المستشفى قبل ياخده، نزلت أدور عليه فى كل أقسام المستشفى أنا وخاله معرفناش نلاقيه، لغاية ما خاله لقاه فى تلاجة المستشفى، أنا مقدرتش أشوفه.. خاله وأخوه هما اللى شافوه وقالوا إنه أخد رصاصتين واحدة فى قلبه والتانية فى جانبه».
تتوقف والدة أحمد عن الكلام وتنخرط فى البكاء، ولم يتماسك شقيقه الأصغر، وبدأ يبكى مع والدته وردد وسط بكائه: «أحمد كان خايف علينا كلنا من المظاهرات، بالليل سأل أخويا إنت نازل الشغل بكرة؟ ولما قاله إنه نازل فضل يتحايل عليه إنه يقعد فى البيت بكرة عشان المظاهرات، أحمد مكانش له فى (النت) ولا فى السياسة، ولا كان يعرف حاجة عن الفيس بوك، قبل صلاة الجمعة نزل ينده على أصحابه واتجمعنا كلنا عشان نروح نصلى، طلبنا منه نشارك فى المظاهرة لكن هو رفض وخاف علينا، صلينا وخرجنا لاقينا المظاهرة بدأت والناس بتنضرب مشينا شويه ولاقيناه بيقول تعالوا نرجع المظاهرة، قلت له لأ يا أحمد بلاش إنت كنت مش موافق، لكن أصر يرجع ويوقف مع الناس يدافع عنهم أو ينضرب معاهم، وقفت معاه شويه فى المظاهرة، وقلت له أنا رايح البيت وراجع تانى، قال لى طب روح ومتتأخرش.. رحت ورجعت مالقيتهوش».
وقال شريف أحمد محمد (33 سنة) خال الشهيد أحمد: «أنا شاركت فى مظاهرات (جمعة الغضب)، إحنا معملناش أى حاجة، بعد صلاة الجمعة، خرجنا فى مظاهرة سلمية للتعبير عن مطالبنا، فردت علينا الشرطة بالضرب.. ضرب بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، وبعدين بالرصاص المطاطى والرصاص الحى، عشرات من أولادنا استشهدوا وأصيبوا فى الاشتباكات دى، غير اللى اتخنقوا من غازات القنابل المسيلة للدموع اللى طلعت منتهية الصلاحية، ومكناش لاقيين مكان نعالجهم فيه، لأن المستشفى كان مقفول بأمر من (الداخلية) وممنوع أى مصاب يدخل، أغلب اللى كانوا مشاركين حوالينا فى المظاهرة هم جيراننا وأصحابنا، لا شفت عناصر أجنبية، ولا كانت المظاهرة كلها (إخوان) زى ما قالوا.. بقيت شايف الناس مرمية على الأرض اللى مصاب واللى فقد حياته، العساكر كمان اتعرضوا للخطر من ثورة الأهالى بعد موت ولادهم، الذخيرة بتاعتهم خلصت وقياداتهم سابوهم، وناس من الأهالى هما اللى أنقذوهم خلوهم يغيروا لبسهم الرسمى ولبسوهم لبس عادى وهربوهم، عرفت إن أحمد ابن أختى أصيب، وإن أصحابه فضلوا شايلينه وماشيين بيه فى الشارع مش عارفين يروحوا بيه فين لغاية ما المستشفى فتح قبل العصر بشويه ودخلوه، إحنا مكناش نعرف كل ده، ودخلنا ندور عليه بين المصابين لغاية ما لاقيناه فى تلاجة المستشفى، رحنا نخلص إجراءات الدفن لقينا دكتور الصحة عاوز يكتب فى تقرير الوفاة لكل الشهداء سكتة قلبية حادة، ولما الأهالى ثارت عليه قالهم أنا بحاول أحافظ على ولادكم بدل ما يروحوا المشرحة!! هناك هيفضلوا أسبوع ولا أكتر، ومش هتقدروا تدفنوهم، لكن فضلنا نتخانق معاه لغاية ما كتب أسباب الوفاة الحقيقية».
ويضيف شريف: «إحنا مش هنسيب حق ابننا وهنشوف إيه الإجراءات القانونية اللى ممكن تتعمل وهنعملها».
عندما طلبنا صورة لأحمد ردت أمه قائلة: «مكانش بيحب يتصور، آخر صورة ليه كان عمره 13 سنة، جه من أسبوع طلب من أصحابه إنه يتصور معاهم، وقال لهم خلى الصور معاكم للذكرى!» وأعطتنا كارتاً صغيراً يظهر فيه أحمد وسط مجموعة من أصدقائه، وتختتم كلامها: «ساعات بسأل نفسى هى المظاهرات دى حصلت عندنا فعلاً فى مصر وكل الشباب خرجت فيها وكمان أحمد ابنى استشهد فيها.. بلاقى نفسى مش مصدقة.. أنا عمرى ما شفت حاجة زى كده.. فراق أحمد وجع قلبى أوى.. بس أنا عارفة إن حقه عند ربنا مش هيضيع لأن دم ولادنا مش بالساهل هيضيع كده، ربنا يصبر كل أم ضاع منها ابنها ويحفظ بقية إخواته وكل اللى زيهم».
».
http://www.almasryalyoum.com/news/4-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D9%80%C2%AB%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%A9
علي القاضي- مشرف منتدى المناقشات
- عدد المساهمات : 183
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/09/2010
رد: شهداء المطريه في الصحافه المصريه
2- نقلا عن موقع الاهرام الرقمي
شقيق أحد شهداء المطرية: نسألكم الفاتحة. والدعاء بالشفاء لأم الشهيد المصدر: الأهرام اليومى بقلم: محمد القزاز
أنا أخو الشهيد قالها مدوية قالها بفخر وشموخ وعزة قالها والدمع ينهمر من عينيه إنه شقيق الشهيد أحمد عبدالرحيم الذي استشهد في جمعة الغضب 28 يناير بميدان المطرية برصاص غادر من أناس انتزعت من قلوبهم الرحمة والشفقة.
رحل الشهيد أحمد عبدالرحيم برصاص قناصة من أعلي مدرسة المحمدية بميدان المطرية. واستقرت هذه الطلقات الغادرة بحسب التقرير الطبي في الناحية اليمني من أعلي الصدر علي شكل دائري وأخري بفروة الرأس.
رحل أحمد ذو الثمانية عشرة ربيعا وظل ينزف أكثر من ساعة ولم يقترب منه أحد خوفا من الطلقات الغادرة ولم يكن وحده ففي هذا اليوم مات 21 شهيدا هم شباب من نفس عمره حيث قامت قوات الأمن بوضع حواجز حتي لا يصلوا إلي ميدان المطرية وقام الجنود بإلقاء القنابل المسيلة للدموع فيما تفرغ القناصة من ضباط الشرطة من أعلي المدرسة لقتل هؤلاء الشهداء.
يقول محمود عبدالرحيم شقيق الشهيد: حذرت الشهيد أحمد يوم الخميس من النزول الي المظاهرات لأنني كنت أشعر بغدر النظام.
ولكن يوم الجمعة انقطعت الاتصالات بغباء سياسي وبالفعل أحمد سمع كلامي ولكن عندما سمع عن وجود إصابات بين المتظاهرين بالميدان أراد النزول وتصوير مايحدث علي "اليوتيوب" وايضا اسعافهم ولكن حدث القدر في هذا اليوم حيث قام قسم شرطة المطرية بإخراج السجناء من القسم لاحداث حالة من الفوضي وعلي بعد أمتار من ميدان المطرية بجوار معهد الكلي قام المجرمون من الشرطة بفعلتهم برغم أن المتظاهرين كانوا يرددون هتافا واحد "سلمية. سلمية" وتم قتل 22 شابا في هذا المحيط الصغير.
يضيف محمود أرجو أن تنظروا الي صورة أخي إنه ملاك والكل يشهد علي أدبه وأخلاقه والكل في المنطقة في حالة حزن عميق فالحزن يلف الأهالي خاصة علي أحمد وبالفعل فإنهم يطلقون عليه ابن موت وأن أدبه وأخلاقه ليس مكانها هذا الزمان ولكنهم يرددون الآن "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون".
ونحن نطلب الآن الدعاء فقط للشهيد ولأمه المكلومة طريحة الفراش الآن بالشفاء العاجل.
والأهم هو عودة الأمن الي المكان وتغيير الوجوه التي كانت موجودة بقسم المطرية حيث الأهالي ثائرون الآن، وأمس الأول قامت مظاهرة كبيرة ضد الشرطة وحدثت مجزرة ومات اثنان من الأهالي والشرطة غير قادرة علي التدخل خوفا من غضب الأهالي وأصبح الشعار الموجود الآن بالمطرية هو "البقاء للأقوي".
ويقول: علي الدولة أن تحاسب هؤلاء السفلة ومن يساندوهم خاصة أعضاء مجلس الشعب الموجودين بالدائرة الذين استحلوا أراضي الدولة ونهبوها فلابد من اقامة أعمال خيرية علي هذه الأراضي وإطلاق اسماء الشهداء عليها فنحن لانريد تعويضا فقط نريد محاكمة هؤلاء واطلاق إسم الشهيد أحمد عبدالرحيم علي الشارع الذي ولد وتربي فيه.
http://digital.ahram.org.eg/Community.aspx?Serial=430474
شقيق أحد شهداء المطرية: نسألكم الفاتحة. والدعاء بالشفاء لأم الشهيد المصدر: الأهرام اليومى بقلم: محمد القزاز
أنا أخو الشهيد قالها مدوية قالها بفخر وشموخ وعزة قالها والدمع ينهمر من عينيه إنه شقيق الشهيد أحمد عبدالرحيم الذي استشهد في جمعة الغضب 28 يناير بميدان المطرية برصاص غادر من أناس انتزعت من قلوبهم الرحمة والشفقة.
رحل الشهيد أحمد عبدالرحيم برصاص قناصة من أعلي مدرسة المحمدية بميدان المطرية. واستقرت هذه الطلقات الغادرة بحسب التقرير الطبي في الناحية اليمني من أعلي الصدر علي شكل دائري وأخري بفروة الرأس.
رحل أحمد ذو الثمانية عشرة ربيعا وظل ينزف أكثر من ساعة ولم يقترب منه أحد خوفا من الطلقات الغادرة ولم يكن وحده ففي هذا اليوم مات 21 شهيدا هم شباب من نفس عمره حيث قامت قوات الأمن بوضع حواجز حتي لا يصلوا إلي ميدان المطرية وقام الجنود بإلقاء القنابل المسيلة للدموع فيما تفرغ القناصة من ضباط الشرطة من أعلي المدرسة لقتل هؤلاء الشهداء.
يقول محمود عبدالرحيم شقيق الشهيد: حذرت الشهيد أحمد يوم الخميس من النزول الي المظاهرات لأنني كنت أشعر بغدر النظام.
ولكن يوم الجمعة انقطعت الاتصالات بغباء سياسي وبالفعل أحمد سمع كلامي ولكن عندما سمع عن وجود إصابات بين المتظاهرين بالميدان أراد النزول وتصوير مايحدث علي "اليوتيوب" وايضا اسعافهم ولكن حدث القدر في هذا اليوم حيث قام قسم شرطة المطرية بإخراج السجناء من القسم لاحداث حالة من الفوضي وعلي بعد أمتار من ميدان المطرية بجوار معهد الكلي قام المجرمون من الشرطة بفعلتهم برغم أن المتظاهرين كانوا يرددون هتافا واحد "سلمية. سلمية" وتم قتل 22 شابا في هذا المحيط الصغير.
يضيف محمود أرجو أن تنظروا الي صورة أخي إنه ملاك والكل يشهد علي أدبه وأخلاقه والكل في المنطقة في حالة حزن عميق فالحزن يلف الأهالي خاصة علي أحمد وبالفعل فإنهم يطلقون عليه ابن موت وأن أدبه وأخلاقه ليس مكانها هذا الزمان ولكنهم يرددون الآن "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون".
ونحن نطلب الآن الدعاء فقط للشهيد ولأمه المكلومة طريحة الفراش الآن بالشفاء العاجل.
والأهم هو عودة الأمن الي المكان وتغيير الوجوه التي كانت موجودة بقسم المطرية حيث الأهالي ثائرون الآن، وأمس الأول قامت مظاهرة كبيرة ضد الشرطة وحدثت مجزرة ومات اثنان من الأهالي والشرطة غير قادرة علي التدخل خوفا من غضب الأهالي وأصبح الشعار الموجود الآن بالمطرية هو "البقاء للأقوي".
ويقول: علي الدولة أن تحاسب هؤلاء السفلة ومن يساندوهم خاصة أعضاء مجلس الشعب الموجودين بالدائرة الذين استحلوا أراضي الدولة ونهبوها فلابد من اقامة أعمال خيرية علي هذه الأراضي وإطلاق اسماء الشهداء عليها فنحن لانريد تعويضا فقط نريد محاكمة هؤلاء واطلاق إسم الشهيد أحمد عبدالرحيم علي الشارع الذي ولد وتربي فيه.
http://digital.ahram.org.eg/Community.aspx?Serial=430474
علي القاضي- مشرف منتدى المناقشات
- عدد المساهمات : 183
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/09/2010
رد: شهداء المطريه في الصحافه المصريه
نسالكم الفاتحه والدعاء لاهلهم بالصبر والسلوان
وللعلم ما حدث في ميدان المطريه هو تقريبا مطابق لما حدث في ميدان التحرير
وحسبنا الله ونعم الوكيل
وللعلم ما حدث في ميدان المطريه هو تقريبا مطابق لما حدث في ميدان التحرير
وحسبنا الله ونعم الوكيل
علي القاضي- مشرف منتدى المناقشات
- عدد المساهمات : 183
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/09/2010
علي القاضي- مشرف منتدى المناقشات
- عدد المساهمات : 183
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/09/2010
رد: شهداء المطريه في الصحافه المصريه
فيديو تشييع احد شهداء المطريه الاطهار
انا لله وانا اليه راجعون
https://www.youtube.com/watch?v=cTIhJz0csH0
انا لله وانا اليه راجعون
https://www.youtube.com/watch?v=cTIhJz0csH0
علي القاضي- مشرف منتدى المناقشات
- عدد المساهمات : 183
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/09/2010
رد: شهداء المطريه في الصحافه المصريه
يقول الله تبارك وتعالى { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
اللهم انا نسألك باسمك الأعظم ، الذى إذا دعيت به أجبت ، واذا سألت به أعطيت ... نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان تصبركل أم وكل زوجه وكل ابن أو ابنه فقدت عزيز لديها .
اللهم إنا نسألك الصبر على البلاء في الدنيا. اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسناً ذاكرة وأجساداً على البلاء صابرة.
ونحتسب شهدائنا عندك في الدرجات العلي بكرمك ورحمتك ياأرحم الراحمين .
فاطمة فيصل
اللهم انا نسألك باسمك الأعظم ، الذى إذا دعيت به أجبت ، واذا سألت به أعطيت ... نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان تصبركل أم وكل زوجه وكل ابن أو ابنه فقدت عزيز لديها .
اللهم إنا نسألك الصبر على البلاء في الدنيا. اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسناً ذاكرة وأجساداً على البلاء صابرة.
ونحتسب شهدائنا عندك في الدرجات العلي بكرمك ورحمتك ياأرحم الراحمين .
فاطمة فيصل
فاطمة فيصل- مشرف عام
- عدد المساهمات : 1136
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 29/09/2010
رد: شهداء المطريه في الصحافه المصريه
بسم الله الرحمن الرحيم
"الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * أهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين"
صدق الله العظيم
نحتسبهم عند الله
أخيكم
أحمد الحريف
"الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * أهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين"
صدق الله العظيم
نحتسبهم عند الله
أخيكم
أحمد الحريف
المستشار/ أحمد الحريف- مشرف منتدى التنمية البشريه
- عدد المساهمات : 767
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 26/09/2010
العمر : 66
رد: شهداء المطريه في الصحافه المصريه
نسالكم الفاتحه والدعاء لاهلهم بالصبر والسلوان
eng.sameh- عضو جديد
- عدد المساهمات : 2
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/03/2011
مواضيع مماثلة
» ليسوا شهداء
» صور شهداء ثورة الشباب 25 يناير 2011
» انتخابات المطرية 2010 !!!
» من اغرب الاسماء المصريه ,
» زهور المطريه....فى التحريـــــــــــــــــــر
» صور شهداء ثورة الشباب 25 يناير 2011
» انتخابات المطرية 2010 !!!
» من اغرب الاسماء المصريه ,
» زهور المطريه....فى التحريـــــــــــــــــــر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 07 فبراير 2023, 19:43 من طرف اخوكم احمد
» شوت ايديا لادارة صفحات الفيس بوك المواقع الالكترونية وانشاء اعلانات الفيس بوك ويوتيوب shoot idea
الخميس 24 يونيو 2021, 05:44 من طرف shootidea
» ادارة صفحات السوشيال ميديا , اعلانات فيس بوك shoot idea
الثلاثاء 22 يونيو 2021, 06:57 من طرف shootidea
» بالأرقام.. ننشر فروق استهلاكات الكهرباء بين اللمبات العادية والليد
الأربعاء 04 ديسمبر 2019, 13:30 من طرف اخوكم احمد
» متصفح أوبرا الجديد يوفر 90% من فاتورة الإنترنت
الإثنين 02 ديسمبر 2019, 12:04 من طرف اخوكم احمد
» الرقم البريدى للمطرية القاهرة
الثلاثاء 01 أكتوبر 2019, 13:49 من طرف اخوكم احمد
» [رقم هاتف] رئاسة حى المطرية 44 ش الكابلات ميدان المطرية ..مصر
الإثنين 08 يوليو 2019, 16:16 من طرف اخوكم احمد
» قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة
الإثنين 05 فبراير 2018, 16:24 من طرف اخوكم احمد
» قاعات افراح .. بحميع محافظات مصر ... وبالاسعار والعنوانين
الأربعاء 10 يناير 2018, 12:48 من طرف اخوكم احمد
» محلات المطرية
الإثنين 01 يناير 2018, 12:32 من طرف اخوكم احمد